مسميات مشاريع التسوية والواقع المر
بقلم المهندس تغلب الالوسي
طفت على سطح الاحداث في الآونة الاخيرة مفاهيم وعناوين لمشاريع لإنقاذ الوضع السياسي العراقي المنهار تحت عنوان التسوية ولا أدرى ما المقصود بكلمة التسوية، فهل الذين اقترحوها قد أحسوا بان هناك شيئا غير متوازن واقترحوا هذا اللفظ واقول لمن بدا بهذا المقترح وانت الان تشعر بان كفتكم هي الراجحة فلماذا مفهوم التسوية والتفاوض عليها ومناقشتها؟ حيث ان الامر في غاية البساطة ولنبحث اولا لماذا رجحت كفة ميزان من يشعر اليوم بانه لابد من التسوية؟ وهل هذا شعور بالذنب ام استباق للحدث المتوقع من تبديل اللعبة السياسية بأكملها في العراق؟
وبصدد موضوع القيادة السياسية في العراق فلابد من القول بان العراق قد وقع تحت تأثير قوى اقليمية ابرزها ايران وهذا جزء من خطة استراتيجية بدأت عام 1980 حينما اشتعلت الحرب بين ايران والعراق , وانطلاقا من هذا المفهوم ينبغي اولا ان يكف هذا المؤثر ويتوقف من التلاعب والضغط من اجل اخراج المعادلة السياسية عن وضعها الطبيعي لاستقرار العراق وجعلها دائما تصب في المصلحة الايرانية , فهذه هي الخطوة الاولى لإخراج قيادة سياسية متوازنة يرضى عنها العراقيون , وذلك من اجل اخراج قيادة سياسية متوازنة تضمن العدالة والمشاركة من قبل الجميع
اما المؤثر الثاني في اختيار القيادة السياسية هو عدم اعتراف الاطراف التي تربعت على السلطة بمواد الدستور التي ضمنت في كثير منها حقوقا عادلة وامتيازات لكل اطياف العراقيين بلا تمييز والتعامل بانتقائية واضحة حيث يتم استعمال العقوبات التي نص عليها الدستور من اجل تمزيق الاخرين والاستحواذ على المنافع لمصلحة الاحزاب الحاكمة , ومن ابرز تلك الامور هو استقلالية وحيادية الاجهزة الامنية ولذلك ينبغي اعادة النظر من جديد في تشكيلة الاجهزة الامنية وضمان التوازن في اختيار القيادات , هذا يعني اعادة بناء القوات المسلحة بكل فروعها من الشرطة والجيش وكل الاجهزة الامنية على اسس مهنية حيادية وان لا يكون لأي حزب في السلطة نفوذ من خلالها
واما الامر المؤثر الكبير فهو التغيير الذي يجب ان يطال آلية الانتخابات التي بنيت على اساس يضمن استمرار هذه الاحزاب وبنفس الشخوص ويتكرر انتخابهم في كل دورة انتخابية، ويقود هذا المؤثر المفوضية اللامستقلة للانتخابات والتي كانت السبب الاكبر في تخييب امال العراقيين فباعت اصواتهم للشيطان واثرت بكل مفاصلها على حساب الشعب فهذه اول مؤسسة يجب ان تجتث بالكامل وتصفى ولا يبقى لها اي وجود ويحل محلها هيئة مستقلة فعلا من غير العراقيين وغير الجهات الاقليمية الطامعة في السيطرة على القرار السيادي في العراق
واما طريقة الانتخابات بالقوائم فهذه كانت مدخلا للعملاء والاغبياء والغرباء من اجل الاستحواذ على القرار السيادي العراقي. فلا القائمة المفتوحة ولا المغلقة ولا النسب والارقام التي يقسمون عليها طرق صحيحة للانتخابات الديمقراطية العادلة , بل كلها حيل انكشفت واخرجت لنا ديمقراطية مزيفة بامتياز , وكبارنا لا زالوا يتذكرون الانتخابات قبل عام 1958 والتي كانت فعلا يعيش العراق فيها تحت ظل حكم ديمقراطي , وليس الان , حيث تم استبدال حكم الحزب الواحد بالحزب الواحد الجديد , فاين ممثلي الشعب في نظام القوائم ؟
واذا اريد لكل من يسعى من اجل التسوية واحقاق الحقوق ان ينجح في مسعاه , فعليه ان يكون اولا متجردا عن الاهداف التي يبطنها من الغاء الاخر, وان لا يكون ينوي ابادة او اقصاء الاخرين , ويجب عليه ان يتحلى بصفات التأخي والمشاركة البناءة وان يكون هدفه بناء عراق مستقل لا يتبع ولاية احد , لقد مل العراقيون من التناحر والفتن وكفى حججا واهية واساطير تساق من اجل التحريض على الاقتتال , وان ما جرى من مؤامرات على وحدة العراق وتاريخه وحضارته كلها انكشفت , وانكشف كل من تزيا بزي الصديق وهو عدو وكذلك انكشف كل من ادعى الاسلام زورا وبهتانا وكفى تراشقا بالاتهامات , وقد تبين ان كل المتراشقتين خونه وحرامية سرقوا خيرات العراق بشتى الطرق , كفى كذبا , كفى قتلا , كفي مؤامرات فالعراق للجميع للسنة والشيعة والكرد وكل الفئات الاخرى , وما حدث لم يكن يصب في صالح احد , فالكل خاسرون , ومن قال انه لم يخسر فهو كاذب , ومن جمع مالا من رشوة او قومسيون فقد سرق اهله عرف ام لم يعرف , فكل اثراء تحت ضغط المنصب هو سحت حرام واشد المال الحرام حسابا من الله تعالى هو سرقة المال العام
ان انتخابات عادلة على اساس ممثلي المناطق مطلب شعبي عام فلا قوائم مفتوحة ولا مغلقة ولا تقسيمات على ارقام او نسب فارغة فهذه ليست ديمقراطية وانما لعب سياسي وخديعة على المكشوف , واذا ما قدر لهذا الشعب ان يأخذ حقة فهذا هو الطريق وغيره كذب صريح , واني لأضمن ان الامور اذا سارت على هذه الطريقة لن يعترض احد وكل سيأخذ حقه , والله من وراء القصد