كن ربانياً ولا تكن رمضانياً
د. عبد الحكيم المغربى
احبائي فى الله نحن اليوم نودع افضل شهور العام، نودع شهر الخير والبركات ، شهر رمضان المبارك، شهر القرءان وشهر الاعمال الصالحة ، فجميعنا يرى ويشاهد المساجد ماشاء الله بجميع الفروض والأوقات مملوءة بالمصلين ، بل نجد معظمنا بعد الصلوات يؤدون النوافل والسنن ، فضلاً عن تلاوة المصحف، فى منظر بهيج يحبه الله ورسوله صَل الله عليه وسلم.
ولكن للاسف الشديد معظمنا ايضاً يودع الشهر الكريم ، ويودع معه كل هذه الخيرات والبركات، من صوم وصلاة بالمساجد ، وتلاوة كتاب الله وكاًن رب رمضان ليس رب باقى الشهور من السنة، فنصيحتي لنفسي ولكم احبائي فى الله ، ان لا تودعوه بل اسحبوه الى باقى عامكم، لان الحكمة من شهر ” رمضان ” ان نقوم فيه بعمل الخيرات والصلاة بالمساجد ، وتلاوة كتاب الله والاستقامة على ذلك، ليس فقط شهر واحد بالسنة ولكنه شرعه الخالق لنا ، كى يكون اُسلوب حياة وتدريب للنفس، ويكون بداية لتغيير نمط حياتنا طوال العام ، يكون بمثابة الوقود والحافز للاستقامة باقى شهور السنة.
فعليكم اخوانى وأخواتى فى الله، ان لا تودعوه بل افسحوا له المجال، ليحيا معكم وتحيوا به طوال العام، فكما فعلتم الخيرات ونلتم البركات فى هذا الشهر الكريم المبارك تواصوا مع خالقكم باقى الشهور، فالصيام لا ينتهى بعد رمضان كما تعلمون، عليك باتباعه بست من شوال، فمن صام رمضان واتبعه ست من شوال كان كصيام الدهر كما فى حديث مسلم، يعنى صيام سنة كاملة، فلا يفوتك هذا الخير العظيم بعمل بسيط ستة ايام فقط تعادل سنة كاملة بفضل الله علينا، وعندكم الاثنين والخميس من كل اسبوع وثلاث ايام من كل شهر هجرى ، بما تسمى الأيام البيض ١٣و١٤و١٥ ايضاً كانك صومت الدهر كله ، سنة عن حبيبنا المصطفى صَل الله عليه وسلم ، وعندكم يوم عرفة لغير الحاج سنة مؤكدة تكفر سنتين الماضية والقابلة، وعندكم ايضاً يوم عاشوراء وهو العاشر من محرم ويوم قبله او يوم بعده لمخالفة اليهود ، فهو يكفر السنة التى قبله هذا بالنسبة للصيام ، كما كنا نفعل بالشهر الكريم.
اما عن تلاوة القرءان، فعلينا بورد يومى ولو بسيط، فخير الاعمال عند الله أدومها وان قل، فالمداومة على الخيرات هى المطلوبة ، فلا تتركوا كتاب الله احبائي لان كل حرف بعشرة حسنات كما تعلمون ، اما عن قيامنا بهذا الشهر وصلاة التراويح ، فيوجد مثلها ومستحبة بل مشروعة طوال العالم ، وخير هذه الصلوات قيام الليل ، ركعتان بجوف الليل والنَّاس نيام ، وانت تنفرد بلقاء ربك وتناجيه فيستجيب لك، وتشكوه بهمومك ومشاكلك، فتحل برحمته وأذنه ، وتطلب منه المغفرة عن ذنوبك التى اقترفتها بيومك فيغفرها لك بفضله ورحمته، فهو الغفور الرحيم جل فى علاه، فجميع شهور السنة بها الخيرات والأعمال الصالحة، لا تنقطع أبداً.
فأتمنى من الله عز وجل، ان يهدينا جميعاً للاستقامة على هذه الاعمال، التى تجعل حياتنا سعيدة برضا خالقنا، ليرضى عنا ، بل تجعل حياتنا فى منتهى السعادة، لأنك عندما تكون مع الله تكون الدنيا كلها ملك يديك، فعليك اخى الحبيب اختى الحبيبة وانا قبلكم ،ان نستمر كما كنا بشهر رمضان الكريم، من فعل الخيرات صيام وقيام وتلاوة قرءان ، باقى شهور العام، ولا تحرم نفسك من هذا الخير الكبير.
” اعبد ربك حتى يأتِيك اليقين ” وكن ربانياً ولا تكن رمضانياً “.