الفلوجة ( الآن ) تحترق بالقطعة !
د . خالد القره غولي
ربما تنزلق إلى يوم الحريق بالجملة ، وعند أول ناصية خطر ، وأول إشارة مرور إلى الجحيم , صورة ( الفلوجة ) الجديدة ما بعد التحرير في عين الكاميرا ـ تبدو مدينة ( تحترق ) ولا يكاد يمر يوم واحد دون تفجير وحريق كبير ، اليوم بدأت التفجيرات تعود من جديد إلى ( الفلوجة ) وكأن الفلوجة اليوم تحترق من الجنوب للشمال ومن الشرق للغرب ، حرائق هائلة وتفجيرات متوالية لسلسلة من الإعمال الإجرامية التي تنطلق يوميا في مناطق كبرى ( الفلوجة ) كانت وما زالت يلقبها الأحباب مدينة (المساجد ) واحترقت مدينة العز والكرامة والشهامة والكرم في مناطق مختلفة ـ لعشرات الشوارع والمنازل والأبنية ، ولا أحد يصدق الأسباب المعلنة من السلطات السياسية ومن عينة انفجار ومن أية جهة ، أو عود ثقاب ألقى به عاطل على العمل ، فلا أحد يصدق أن مصادفات صغيرة تنتهي إلى حرائق كبيرة ، وبأحجام دمار مفزعة ، وغموض وتضارب في الأقوال ، وحرائق تستمر لساعات طويلة ، وأحيانا لأيام ، وتشل مظاهر الحياة في الرمادي تماما ، ثم أن الحرائق موصولة ، وبوتيرة متصارعة ، وقبل شهور كانت التفجيرات تضرب مواقع حكومية , ومن بعده اليوم أصبحت التفجيرات تضرب المواطن نفسه ، ثم عشرات التفجيرات والحرائق الكبرى من بعد ومن قبل ، وكأن هناك يدا خفية تنتقل باللهب والتفجير ، ولأسباب لا تبدو مقنعة ، وحتى لو كانت أسبابا حقيقية وواردة الاحتمال ، لكن لا أحد يصدق ، وكيف يصدق أحد دولة تحترق بالعجز، وسوس الفساد ينخر في عظامها البالية ، وتدني الكفاءة وانحطاط الأداء يبدو ظاهرا في قلب الصورة ، وزوال الجهاز المدني والبيروقراطي يبدو جليا ، فقد ظهرت أجهزة الأمن , عاجزة عن إطفاء نار التفجيرات في ( الفلوجة ) الحبيبة رغم أن تدخل نار الحرائق والتفجيرات من أحكام العادة المستجدة في العراق الجديد ، وكأننا بصدد حرب تشتعل لأسباب طائفية عرقية ، وظهر الأداء الحكومي غاية في التواضع ، وظل الناس يتندرون ، ويطلقون النكات أيام حريق الشوارع ، وهم يرون المواطنين تحوم كطفل تائه ، وتلقي بمخزون اللوم على الساسة في هذه المحافظة العنيد ثم كان استدعاء الجيش في الحفاظ على الأمن اليوم في محافظات العراق بلا بديل ، فقد بدا حريق تفجيرات الفلوجة المهول كأنه يد النار في طريقها لالتهام مدينة ، وبدت قصة العاطل وعود ثقابه كأنها الإشارة الرمزية لحرائق تأتي ، وأيقظت في الذاكرة وقائع حرائق ( الفلوجة ) ودون إن يعرف أحد أسبابه إلى الآن , وتحول إلى موضوع بحث تاريخي مسكون بالألغاز والروايات المتضاربة ..
ويتزامن الاستعراض العسكري مع تواصل المعارك في مناطق شمال وغرب البلاد بين القوات الحكومية ومسلحي تنظيم “داعش” الذي فقد خلال الاشهر الماضية مناطق مهمة كانت تحت سيطرته كالفلوجة وقرى جنوب مدينة الموصل. –