هذهِ أخلاقْ آل البيتْ الأطهارْ وصحبهْ الأخيارْ
(بمناسبة ذكرى استشهاد الإمامْ الحُسَيْن عليه السلام)
اللواء الركن الدكتور نوري غافل الدليمي
ونحن نعيش ذكرى استشهاد الحُسَيْن عليه السلامْ ورضي اللهُ عَنْهُ ، نقول إنّ الحُسَيْن عليه السلام ، رجلْ مباديءْ ، رجلْ فكرْ ، رجلْ حريةْ ، رجلْ دُنيا وآخرةْ ، رجلْ حقْ ، ثورتهُ ليستْ طمعاً في منصبٍ ولا جاهٍ ولا مالٍ ، ثورتهُ ثورة حق تُنير الدروب وتزيل الظلام والظلال.
كَمْ نَتمنى أنْ لا يُساءَ الى ريحانةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم – سِبْط رسول الله ، أكثر خَلقْ الله شبهاً بجدهِ رسول الله ، سيدْ شبابَ أَهْلَ الجنةِ – بِبدعٍ ما أنزلَ اللهُ بها من سُلطانٍ ، بِدعٍ والله تستهدف التشويه لهذا الرمز الأسلامي العربي الأنساني ( الحُسَيْن )، من خلال التطبير وإراقة الدمْ ، والحرقْ بالنارِ ، والنبحَ كالكلابِ ( أجلكم الله )، والتَطيين، والمشي على النار والصلاة على الجَمُرْ ، والزحفْ في الساحات ، ثم البستات المختلفة من أدواتٍ موسيقيةٍ ورقصٍ.
يا مُحبي الحُسَيْن إحزنواْ ، إبكواْ ، إطعمواْ ، وأذكرواْ المناقب التي ترفع الرأس وتُنير الدروب وتُرسم نهجاً للحياة ، وإبتعدوا عن كُلَ ما يُسيء لهذهِ المُناسبة الأليمة من بُدعٍ لا أساس لها من الصحة مُطلقاً . تذكروا نصائح الشيخ احمد الوائلي رحمةُ الله عليه ، واسمعوا لمحاضرات وتوجيهات رجال العلم العاملين من شيوخ وأئمة وخطباء الشيعة الأجلاء.
شاركَ سبطي رسول الله صلى الله عليه وسلم الحَسن و الحُسَيْن عليهما السلام والكثير من آلِ البيتِ الأطهارْ والصحابة الأخيار في فتحِ أفريقيا.
لم يعترضْ آل البيت الأطهار أنْ يكونوا تحت قيادة قائد اسمه عبدالله إبن أبي سرح ، لم يعترضْ الحسن و الحُسَيْن أبناء الأمام علي بن ابي طالب وَعَبَد الله بن جعفر بن ابي طالب ومعبد بن العباس بن عبد المطلب وعبدالله بن العباس رضوان الله وسلامهُ عليهم أجمعين ، لم يعترض هؤلاء ولم يقولوا نَحْنُ آل البيت الأطهار أحقُ بالقيادة والولاية ( المناصب حالياً) ،، كما لم يعترضْ أبناء الخليفة أبي بكر الصديق والخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنهم ، ولم يقولوا نحن أولى بالقيادة والولايةْ ( المناصب حالياً) لأننا أبناء خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
هؤلاء هم ( المؤمنون حقاً)، الذين لم تغرّهم الدنيا وزينتها بقدر إيمانهم برضاءِ الله ورسوله .
افتتح عبد الله ابن أبي السرح ولايته بابتعاث السرايا إلى أطراف إفريقية، فنجحت تلك السرايا في مَهمتها، وعادت مثقلة بالغنائم. أرسل عبدالله ابن أبي السرح إلى الخليفة عُثمان بن عفان رضي الله عنه بخبر تلك السرايا، وليستأذنه في فتح إفريقية. شجّع نجاح السرايا الخليفة عُثمان، فوافق على مُواصلة التقدُّم نحو إفريقية رَغم أنه كان في البداية على رأي الخليفة عُمر بن الخطَّاب رضي الله عنه بالتوقف عن غزوها، لكنَّ الأنباء المُشجعة حول نجاح الحملات على أطراف إفريقية، بالإضافة إلى مُوافقة كبار الصحابة على هذا الأمر، جعلتهُ يعقد العزم على التقدُّم، فنادى بالجهاد في إفريقية، واجتمع خلقٌ كثيرٌ من المُسلمين من كُل القبائل، وخاصَّةً تلك التي كانت تقطن حول المدينة المُنوَّرة. وقام الخليفة عُثمان فيهم خطيبًا وحثَّهم على الجهاد، ووزَّع عليهم السلاح، كما أمدَّهم بِألف بعير يُحمل عليها ضُعفاءُ الناس أي فُقراؤهم، فخرج المُسلمون في جيشٍ عظيمٍ سنة 27هـ يقوده الحارث بن الحكم بن أبي العاص، إلى أن يقدموا على عبدالله ابن أبي السرح بمصر فتكون القيادة له. ضمَّ الجيش العديد من الأسماء البارزة :كعبدالله بن جعفر بن أبي طالب والحَسن والحُسين عليهم السلام، ابني الخليفة عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه وكرم وجهَهُ ومعبد بن العبَّاس بن عبد المُطلب ومروان بن الحكم بن أبي العاص وعبد الله بن الزُبير والمُسوَّر بن مخزمة وعبد الرحمٰن بن زيد بن الخطَّاب وعبد الله وعاصم وعُبيد الله أبناء عمر بن الخطاب وعبد الرحمٰن بن أبي بكر وعبد الله بن عمرو بن العاص وبسر بن أبي أرطأة وأبي ذؤيب الهُذَلِي والمطَّلب بن السَّائب وعبد الله بن عبَّاس .
فخرج ابن أبي السرح من مصر بجيش قوامه 20 ألف مُقاتل من الفسطاط إلى إفريقية. وما أن بلغ الجيش برقة، انضم عقبة بن نافع ومن معه من المُسلمين إلى الجيش، وأثناء تقدمهم وجدت إحدى سرايا الاستطلاع مراكب للروم راسية بالقرب من طرابُلس، فاشتبكت معها، واستولت على ما فيها، وأسروا 100 رجل من الروم، بينما تحصَّن أهلُ طرابُلس خلف أسوار مدينتهم ولم يخرجوا لِلقاء ابن سعد، ولم يُهاجمهم هو الآخر. ولا شكَّ في أنَّ المُسلمين، وخاصَّةً أولئك الذين خبروا الحرب على حُدود إفريقية، كانوا يعلمون أنَّ أهل طرابُلس يكتفون منهم بتركهم في أمان، وعلى ذلك رأى ابن سعد ألَّا يُنهك قواه في إعادة فتح طرابُلس. فتركها خلف ظهره، واتجه نحو أرض إفريقية الحقيقيَّة مُبتعدًا عن الشاطئ إلى أن وصل إلى منطقة قمونية (في موضع القيروان حاليا).