محلي
منظمة العفو الدولية تدعو العراق لكبح جماح قواته في معركة الفلوجة
دعت منظمة “العفو” الدولية السلطات العراقية إلى كبح جماح جميع القوات المشاركة في حملة استعادة مدينة الفلوجة غربي العراق، إثر تلقي المنظمة شهادات تفيد بأن مدنيين فارين من تنظيم “داعش” الذي يسيطر على المدينة، تعرضوا “للتعذيب” على أيدي الميليشيات المدعومة من الحكومة، وأن ما لا يقل عن ثلاثة من هؤلاء فارقوا الحياة نتيجة لذلك.
وقالت المنظمة في تقرير نشرته اليوم الخميس، عبر موقعها على شبكة الإنترنت، إنها تحدثت إلى ضحايا وصفوا التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة التي تعرضوا لها أثناء احتجازهم على أيدي عناصر”الحشد الشعبي” الشيعية، المشاركة في حملة استعادة الفلوجة، وادعوا أنهم شهدوا حالات قتل بأم أعينهم.
وأبلغ موظفون رسميون محليون في محافظة الأنبار حيث تقع الفلوجة، منظمة “العفو” بأن مجلس المحافظة (مقر الحكم المحلي) تسلم في 5 يونيو/حزيران الجاري 605 رجال وفتيان، وأن إصابات لحقت بالعديد منهم، بينها كسور وكدمات ورضوض وجروح مفتوحة جراء التعرض للضرب.
كما تسلم المجلس ثلاث جثث، ويعتقد أن معتقلاً آخر توفي عقب نقله إلى بلدة عامرية الفلوجة، القريبة من الفلوجة.
ولفتت منظمة “العفو” إلى أن المحتجزين الـ605 والجثامين الثلاثة تعود إلى أبناء بلدة الصقلاوية، التي تبعد 9 كيلومترات شمال غرب الفلوجة، وكانوا لعدة أيام لدى أفراد “الحشد الشعبي”، المكون من فصائل ومتطوعين شيعة.
وأشارت إلى أنها التقت عدة ناجين تحدثوا عن احتجازهم في قاعدة عسكرية في محافظة الأنبار تعرف باسم “مزرعة طارق” لنحو أربعة أيام، عقب فرارهم من مقاتلي تنظيم “داعش” في 2 يونيو/حزيران.
ووصف المعتقلون كيف حُشروا في غرف صغيرة وأيديهم مقيدة خلف ظهورهم، ووجهت إليهم الإهانات بزعم دعمهم لتنظيم “داعش”، وُركلوا وضُربوا بأدوات مختلفة، بما في ذلك الخراطيم المطاطية والقضبان المعدنية. وقالوا إنهم حرموا كذلك من الطعام والماء واستخدام المرافق الصحية.
وادعى عدة أشخاص منهم أن عدداً من المحتجزين فارق الحياة نتيجة الضرب، بما في ذلك بأدوات معدنية حادة على رؤوسهم.
ويواجه من جرى القبض عليهم الآن الاحتجاز في عامرية الفلوجة لمزيد من التدقيق الأمني في هوياتهم وللتحقيق معهم. وذكر عدة أشخاص منهم أن “الحشد الشعبي” صادر وثائقهم الشخصية.
وقال فيليب لوثر، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة “العفو”، إنه “يتعين حماية المدنيين الذين يخاطرون بحياتهم للهرب من فظاعات الدولة الإسلامية (داعش)، ومدّهم بالمساعدات الإنسانية التي يحتاجون إليها بصورة يائسة. وعوضاً عن ذلك، يبدو أن البعض يواجهون تحدي الإخضاع للمزيد من الانتهاكات والهجمات الانتقامية”.
وفي 5 يونيو/حزيران، اعترف رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، في مقابلة تلفزيونية مع قناة “العراقية” المملوكة للدولة، بأن بعض المقاتلين المشاركين في معركة الفلوجة ارتكبوا “أخطاء”، وتعهد بعدم التساهل مع انتهاكات حقوق الإنسان.
وأعلن المتحدث باسمه لاحقاً عن إنشاء لجنة لحقوق الإنسان للتحقيق في الانتهاكات.
وقال لوثر إن “الوعد بإجراء تحقيقات في انتهاكات حقوق الإنسان خطوة أولى نرحب بها؛ ولكن لا بد من اتخاذ خطوات أخرى لمنع وقوع المزيد من الانتهاكات، وتقديم من يشتبه بمسؤوليتهم الجنائية إلى ساحة العدالة”.
ودعت المنظمة الحقوقية الدولية السلطات العراقية إلى إجراء تحقيقات وافية ومحايدة ومستقلة في مزاعم التعذيب والقتل غير القانوني على أيدي “الحشد الشعبي”، بغرض تقديم المسؤولين عنها إلى ساحة العدالة في محاكمات عادلة.
وقالت إنه “وإلى حين استكمال التحقيقات وإجراءات المقاضاة، ينبغي إخراج جميع من يشتبه على نحو معقول في ارتكابهم الانتهاكات من صفوف الوحدات المقاتلة. كما يتعين الكشف فوراً عن مصير من اختفوا وعن أماكن وجودهم”.
وتمكن ما يقدر بنحو 10 آلاف شخص من الفرار من الفلوجة، منذ بدء القوات العراقية هجومها العسكري لاستعادة المدينة من تنظيم داعش، في 23 مايو/أيار الماضي، وبصورة رئيسية من ضواحي المدينة، طبقاً لوكالات الأمم المتحدة.
ويُعتقد أن ما يصل إلى 90 ألف مدني ما زالوا محاصرين في المدينة، وسط تقارير عن تعرضهم لمخاطر القصف والموت جوعاً في المدينة.
وقالت المنظمة إن مدنيين فروا من المدينة أبلغوها بأن مقاتلي تنظيم “داعش” ما برحوا يمنعون المدنيين في وسط الفلوجة من المغادرة، وأنهم نقلوا بعض المدنيين بالقوة من أطراف المدينة إلى وسطها.
وأضافت أنها تحقق في تقارير تحدثت عن عمليات قتل غير مشروعة مزعومة ذهب ضحيتها 17 رجلاً وفتى من بلدة الكرمة، التي تبعد 20 كيلومتراً إلى الشمال الشرقي من الفلوجة.
ومنذ بدء حملتها العسكرية على الفلوجة، استعادت القوات العراقية مناطق واسعة في محيط المدينة، لكنها واجهت مقاومة عنيفة من مسلحي “داعش” على مدى الأسبوع الماضي.
وتواجه قوات “الحشد الشعبي” اتهامات متطابقة بإعدام مدنيين بينهم قاصرون رميا بالرصاص، وتعذيب مئات المدنيين بهدف انتزاع اعترافات منهم فضلا عن نهب منازل وتدمير دور العبادة، خلال الأسبوعين الأخيرين في محيط الفلوجة.
وقال العبادي، أمس الأول الثلاثاء، في اجتماع الحكومة، إنه “تمت إحالة متهمين بارتكاب انتهاكات ضد المدنيين إلى القضاء”.
وكانت الفلوجة أولى المدن التي سيطر عليها تنظيم داعش مطلع عام 2014 قبل اجتياح شمال وغرب البلاد صيف العام نفسه، وهي ثاني أكبر مدينة في قبضة “داعش” بعد الموصل، المعقل الرئيسي للتنظيم شمالي العراق. –